موصلنا

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
موصلنا

منتدى مستقل


    احزاب السلطة الدينية تروض العراقيين

    avatar
    احمد السماك


    عدد المساهمات : 19
    تاريخ التسجيل : 10/11/2010

    احزاب السلطة الدينية تروض العراقيين Empty احزاب السلطة الدينية تروض العراقيين

    مُساهمة من طرف احمد السماك الثلاثاء ديسمبر 14, 2010 11:07 pm

    أحزاب السلطة الدينية تروض العراقيين
    كتابات - إبراهيم الزبيدي
    كثيرا ما حاول العراقيون أن يُحسنوا الظن بأحزاب الإسلام السياسي الحاكمة اليوم. ولكنها لا تكف عن إزعاجهم، وإصابة الكثيرين منهم بالإحباط وتحويلهم إلى خصوم، وربما أعداء، حتى أؤلئك المواطنين المتدينين المتعاطفين معها، حين يفاجأون منها بين الحين والآخر بسلوك رجعي متعجرف مليء بالجهل والغرور.
    وآخر هذه التصرفات المستهجنة قرارات مجالس محافظات بغداد والبصرة وبابل وكربلاء وإجراءاته التعسفية ضد الحريات العامة، والتي تأتي في غير أوانها وفي غير مكانها.
    فبدل أن يعمد قادة هذه الأحزاب إلى مسايرة الجماهير، على الأقل في الفترة العصيبة التي هم فيها، ويجاهدوا في سبيل تحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من الخدمات، لتثبيت أقدامهم في سلطة ما تزال، بعد ثماني سنوات، تعاني من الضعف والتمزق والتشرذم والهزال، نجدهم يشعلون على أنفسهم وعلى أحزابهم معارك هم في غنى عنها، وليسوا قادرين على تخيل نتائجها وآثارها، خصوصا على المدى الطويل.
    حتى أن كثيرا من العراقيين الظرفاء أصبحوا يرددون أن هذه الأحزاب أخطر على حياتهم ومستقبل أجيالهم القادمة من الغزو الأمركي البغيض.
    فقد اكتفى الأمريكان باحتلال الأرض والمباني والجسور وهدْم الدولة العراقية وإلغاء مؤسساتها، وهاهي جيوشهم راحلة، ولن تترك وراءها في نفوس العراقيين سوى ذكريات عابرة، مثلما ترك غزاةٌ قبلهم كثيرون، منهم التتار والفرس والعثمانيون والانكليز.
    أما غزو أحزاب الفكر السلفي المتزمت الذي ولد وترعرع واشتد عوده في رحم الغزو الأول، فيعمل، منذ عام 2003 وما يزال، على التسلل إلى أعماق الشخصية العراقية ذاتها، لهدم ثوابتها وتغيير مكوناتها، بهدف تحويل المجتمع العراقي إلى مجتمع مدجن يتعايش، راغبا أو راغما، مع نظام حكم ديني متشدد يطمح إلى استنساخ نظام الولي الفقيه في إيران.
    ولا يخدع إعلامُ هذه الأحزاب سوى نفسه حين يحاول تسطيح الخلاف وتسخيفه، فيجعله صغيرا وعابرا بين مؤمنين يحاولون إقامة حدود الله وبين كفرة مارقين يدافعون عن الخمرة وعن نوادي الرذيلة.
    والحقيقة هي غير ذلك دون شك. فالصراع جاد وعميق ومصيري بين قلة من دعاة الفكر السلفي المتعصب وبين جبهة عريضة من الغيورين على حرياتهم وكراماتهم وأمن مجتمعهم وسلامة أجيالهم القادمة، والرافضين لعودة الديكتاتورية من جديد.
    وحتى لو فشلت الجماعات الديمقراطية المتفرقة المشتتة في إجبار زعماء تلك الأحزاب على إلغاء قراراتهم الأخيرة، وتخفيف قيودهم على الحريات، فإن الهوة قد تعمقت، دون شك، بين الجبهتين. والملاحظ أن أغلب الرافضين لسلوك السلفيين مواطنون من الشارع الشيعي الذي تزعُم القلة الحاكمة بأنها تمثله وتحكم باسمه وتنفذ رغباته.
    بالإضافة إلى أحزاب يسارية قديمة وجديدة، وشرائح واسعة من أصحاب الخبرات المهنية المتخرجين في جامعات ومعاهد العراق ودول العالم المتحضر، وملايين عراقية أخرى من المسيحيين وأتباع ىالأديان الأخرى الذين أعطتهم أديانهم ومجتمعاتهم هامشا واسعا من الحرية الشخصية، وأباحت لهم الكثير مما يحرمه المشرعون السلفيون.
    هؤلاء جميعا مواطنون في دولة العراق، ولهم حقوق مقدسة ضمنتها لهم قوانين الله وعباده، فلا يحق لأية سلطة ولا لأي حزب أو قومية أو طائفة أن تنكر هذه الحقوق، وتفرض عليهم قوانينها وعقائدها ومقاييسها.
    وعلى ذلك فالعراق لن يستمر كدولة موحدة وآمنة ومزدهرة إلا في ظل نظام حكم ليبرالي علماني ديمقراطي يفصل، تماما، بين السياسة والدين، ويحرر الفرد من هيمنة أية سلطة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية، ويوفر له حريته الكاملة في العقيدة والرأي والعمل والمساواة أمام القانون مع غيره من المواطنين، بغض النظر عن اللون والجنس والقومية والدين.
    إن ما يُخشى منه أن تكون قرارات الحكام السلفيين المهيمنين على مجالس المحافظات بالونات اختبار لقياس حرارة الشارع العراقي، ومدى صموده في معارضة مخططاتهم القادمة الهادفة إلى ترويض العراقيين، وحملهم على الرضوخ لسياساتهم وفكرهم وأحكامهم.
    فإذا مرت بسلام ولم يجبرهم شعبهم على إلغائها والاعتذار عنها فسوف ُيطلقون قراراتٍ أخرى أكثر مساسا بالحريات، وأشد تطرفا ورجعية وهمجية.
    لذلك فإن على التقدميين العراقيين جميعا أن ينهضوا بشجاعة وإصرار من أجل إجبارهم على إلغائها، تماما كما فعلت نساؤنا العظيمات، حين ثرن، في كانون الثاني/يناير 2004، بشجاعة وإصرار، ضد قرار رئيس مجلس الحكم آنذاك عبد العزيز الحكيم الذي ألغى به قانون الأحوال الشخصية، وأجبرنه على التراجع والاعتذار.
    ليس المطلوب خوضَ حرب ِ شوارع مسلحة، إنما التظاهراتُ والاعتصامات في الداخل والخارج، والاستمرارُ فيها، وعدم التراخي في حمايتها، هي أفضل الوسائل المتاحة، في الوقت الراهن، لكسب هذه المعركة. ولا شك في أن تراجع الحكام السلفيين، ولو قليلا، أمام إرادة الشارع العراقي، خصوصا في هذه المرحلة المبكرة، سيجعلهم يفكرون كثيرا في المستقبل قبل ان يرتكبوا حماقات أخرى مماثلة.
    وتبشر الوقائع بأن حملات الرفض الشعبية، تتواصل وتتسع دائرتها يوما بعد يوم، ولابد أن تفعل فعلها، فتُعمقَ في الشعب العراقي روح المقاومة، وتُحصنَه ضد الديكتاتورية التي تحاول أن تعود بأكثر من غطاء وأكثر من ذريعة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 6:28 pm