مرحلة مابعد الثورة

بشغف كبير ننتظر ولكن قد يطول الانتظار بحسابات عمر الانسان ولكنه قصير بحسابات ازمنة نشوء الامم . ننتظر التغييرات الفكرية والثقافية كقيام ثورة ثقافية (ولكن ليست كثورة ماوتسي تونغ الدموية في الصين في ستينيات القرن الماضي) والتي كانت ضد البرجوازيين الذين تغلغلوا وسيطروا على السلطة بعد ثورة الاربعينيات التي جائت بالشيوعية الماوية . بل نريد الاستفادة من ذلك الدرس الصيني في تشخيص الانتهازيين الذين حتما سيخترقون معظم الثورات العربية وسيصلون الى السلطة دون شك ولكن بدون اراقة دماء ومجازر كما فعل الحرس الاحمر الصيني . وبالتأكيد الاسلاميين (والماركسيين خاصة في تونس)وبعض الاحزاب القومية العربية على امتداد البلدان الثائرة سيتصدرون القوائم الفائزة وذلك لعدم وجود البديل المثالي لتمثيل هذه الثورات من احزاب ليبرالية وان وجدت فهي لاتضم الا جمهورا نخبويا وباعداد بسيطة وسبب ذلك عدم وجود نضج سياسي بين ابناء الشعب الثائر وكما قالت احدى المواطنات التونسيات البسيطات (نجهل كل شي عن الاحزاب المتنافسة لذا اخترت حركة النهضة الاسلامية لمجرد حملها ذلك الاسم علهم يستحون قليلا اذا فكروا بخيانة اصواتنا ) لذلك املنا في كل المفكرين الليبراليين (والمتنورين الاسلاميين الذين لهم التأثير الاكبر ) بالبدء بثورة ثقافية وقائية لتوعية شعوبنا بالمرحلة القادمة بماتحمله من تحديات كبرى تتمثل بصياغة دساتير قوية والدعوة لبناء دول مؤسساتية واعتماد الاقتصاد الحر الذين يتضمن قوانين اسثمارية وضريبية متطورة تحمل المجتمع والسلطة مسؤولية بناء الدولة على حد سواء واعتقد في زمننا هذا يمكن اختصار الوقت بسرعة في زمن الانترنت والاعلام الفضائي في البدء بهذه الثورة لتجنيب شعوبنا الوقوع في اخطاء وعثرات قد تمد مرحلة التحول لسنين طويلة يتخللها الاستعانة بالعسكر او غيرهم بصورة مؤقتة لتجاوز مرحلة معينة كما حدث للثورة الفرنسية . والحمدلله ليس هناك منظرين لهذه الثورات مثل ماركس او ماوتسي تونغ حتى نقلق من مقولة (ان الثورة يخطط لها العباقرة وينفذها الشجعان ويقطف ثمارها الجبناء ) فالمنظر هنا هو معاناة الشعب والمنفذ هو الشعب والذي سيقطف ثمارها انشالله سيكون الشعب

بما ان الوازع الديني هو المؤثر الاساسي على عواطف الناس فمن الواجب على المتنورين دينيا اخذ المبادرة في فضح المغالين دينيا والمستغلين الوصوليين وافهام الناس حقيقة ان هؤلاء ليسوا سوى متفننين في تأويل الآيات والاحاديث بما يتماشى وتفكيرهم الذي هو في الاساس موضع شك . والدليل هي الحقبة القريبة الماضية التي اثبتت فشل ايديولوجيتهم وتآويلهم وان هناك جانب آخر للدين هو منطقي وأكثر وضوحا وقبولا لدى المسلمين وغيرهم وهو ان الدين ليس جمادا بل هو روح متجددة تنظم علاقتنا مع مستجدات العصر وليس بعبعا يخيفنا من كل شيء ويدفعنا للانتحار تعجيلا في الخلاص من تعقيدات العصر التي لم يستطع هؤلاء المغالين التعامل معها .......